27 - 10 - 2024

وجهة نظري | انتقام الرب

وجهة نظري | انتقام الرب

حرب إبادة وحشية شرسة .. محرقة لأرواح بريئة .. حصار خانق بين تجويع وصواريخ فتاكة .. الموت يطاردهم أينما ذهبوا، لامكان آمن في وطن مغتصب من عدو منزوع الإنسانية ولايملك قدرا من أخلاقيات أو رحمة .. صرخات مكتومة لشعب يضرب كل يوم أكبر أمثلة الصمود .. أطفال يئنون تحجرت دموعهم شابت قلوبهم قبل الأوان وإن كنا على يقين أن كل المشاهد القاسية ستحفر في أرواحهم جراحا لن تلتئم إلا بالثأر في معركة وجود فرضت نفسها بقوة، ليصبح الصراع لامفر منه إما نحن أو هم .. عدوهم من فرض تلك المعادلة الصعبة بعدما كشفت جرائمه أنه لا نية صادقة عن أحاديث السلام المزعومة، والتي باتت مجرد كلمات جوفاء لا صدق فيها، إلا في نفوس جبلت على الخنوع وآثرت الإستسلام وسلمت لعدوها تسليما، حفاظا على مصالح ومكاسب وعروش زائلة حتما، ربما على يد من أحنوا رءوسهم وجباههم أمامهم وباعوا شعوبهم وأوطانهم لهم ظنا منهم أنهم آمنين من بطشهم ووحشيتهم .

بين عدو جاثم بوحشيته وحكام عرب خانعين يعيش أهل غزة واقعا مريرا .. دماء تنزف بلا توقف .. أطلال بيوت لاتحمى .. ملاجئ إيواء لا تسلم من إستهداف وقصف ونيران، سيارات إسعاف غير آمنة .. طرق يزعم العدو سلامتها، لكن سرعان مايطلق نيرانه بقسوة على من يسلكها .. نيران تحاصرهم أينما ذهبوا. خذلان يقتل أي أمل في الخلاص، لاترتفع الأيدى سوى للسماء .. فلماذا لايستجيب الخالق وأين إنتقام الرب ونصرته للمستضعفين في الأرض !!

يعرفون قدرته وانتقامه وجبروته، فلماذا لاينزل عليهم سخطه .. زلزال يطبح بهم بقوة فيرديهم جميعهم تحت أنقاضه !! حرائق تحيل أجسادهم المغتصبة للحقوق رمادا !! لماذا لاتنشق الأرض لتبتلعهم، بعدما إستباحوها وحرموا أصحابها وحولوهم لغرباء لاحق لهم فيها !!

تتساءل عقولنا العاجزة عن إدراك حكمة عصية على الفهم .. وسرعان ما نعود للتسليم ومحاولة الفهم .. ربما لاتتدخل يد الله الباطشة مسخرة غضب الطبيعة لتزلزل عدوا لايعرف الرحمة، حتى لاتثير تعاطف البعض فيتحول الجانى إلى ضحية .. فمشاهد الحمم والزلازل المدمرة تثير من الشفقة أكثر مما يمكن أن تثيره من شماتة خاصة في قلوب شعوب مازالت متعاطفة مع العدو وإن بدت الآن رافضة لسياسة حكامه.

وربما أيضا لا تتدخل يد الله إلا بعد أن نمتلك أسباب القوة. أمرنا أن نعد لهم ما استطعنا من قوة، ربما فعلها رجال المقاومة لكنها ليست بالقدر الكافى للترهيب والتخويف وبث الرعب في نفوس العدو .. مافعلته المقاومة حتى الآن بداية الطريق، خاضت فيه معركة حققت قدرا من المكاسب ومنيت بكثير من الخسائر، لكنها نجحت في كشف حقيقة العدو أمام شعوب العالم فانتزعت تعاطفها وتأييدها وإحترامها .. ومع توالى المعارك والجولات ستزداد حتما المكاسب حتى يتحقق الهدف الأسمى في تحرير الأرض.

يقيننا أن الله لن يتخلى عن أصحاب الحق، وأن نصرة المقهورين المظلومين المستضعفين وعد، وأنه في إمهاله للظالمين حكمة، وأنه في النهاية لا يهمل، فإذا ما أخذهم أخذهم بقوة فيكون البطش شديدا وأخذه أخذ عزيز مقتدر.

يوما ما ستكون يد الله فوق أيدينا إذا ماتحلينا بالقوة ونبذنا قهر الصمت والعجز وولينا علينا من يصلح لا من يفرط وينحنى لعدوه ويلهث وراء مغانم زائلة لاتغرى سوى الباحثين عن عروش لا أصحاب القضايا والمبادئ الذين يحملون على أكتافهم مسئولية إقامة العدل والحرية وتحقيق الأمن والرخاء والمساواة لشعوبهم والتصدى بقوة وحزم لعدو متربص يبتلع اليوم أرض الشقيق ويستعد في الغد لابتلاع كل أرض تطولها يده الباطشة.

يبشرنا الله بالنصر فقط لو أخذنا بالأسباب .. عندما ننبذ ضعفنا ونتحلى بالقوة .. عندما تتحد أيدينا لنرهب بتلاحمنا عدونا ونطبق عليه الحصار .. عندما لانتواكل ونشحذ كل هممنا بعزيمة وإرادة وتصميم على مواجهة العدو، متوكلين على الله في دعمنا لا متواكلين عليه، في موقف وحالة ضعف وتشرذم وانقسام.

سينصرنا الله ولن يغلبنا أحد لو تخلينا عن اللهاث نحو حب الدنيا حد إغفال مبادئنا وقيمنا، وأخلصنا النوايا لإعلاء كلمة الحق ومواجهة الظلم والقهر والضعف أينما كان وأينما حل.
------------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | انتقام الرب